رئاسة الجمهورية
١٩٧٠ - ١٩٨١
الأحداث
محمد أنور السادات ١٩٧٩


كانت مباحثات كامب ديفيد، هي الطريق الرئيسي للاتفاق وتوقيع معاهدة السلام في 26 مارس 1979، هذه المعاهدة التي ضمت في إطار الحل الشامل حل أزمة الشرق الأوسط .

وقد تحدث الرئيس السادات طويلاً عن الاستراتيجية التي حكمت مسار محادثات كامب ديفيد، فقال أنها كانت تسير في خطين متوازيين:

أولا: اتفاق إطار السلام الذي يضع الأسس لإتفاق سلام مع جميع الأطراف العربية ... سوريا الأردن مصر لبنان الفلسطينيين.

ثانيا: اتفاق سلام يصلح، أساسًا، للمباحثات بين مصر وإسرائيل، من أجل معاهدة السلام .


وقد أكد السادات، أن أسس هذه المفاوضات هي نفس الأسس التي من الممكن أن تحكم المفاوضات بين إسرائيل وسوريا بالنسبة للأنسحاب من الجولان، فما يسري على سيناء، يسري على الجولان أوتوماتيكيا، أما الأردن فقد دعيت للأشتراك.


وليس هناك أدنى شك في أن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، قد شكلت منطلقًا لمرحلة جديدة لمصر والعرب ولمنطقة الشرق الأوسط عامة، لاتزال تداعياتها مستمرة حتى يومنا هذا، فنجد أن المعاهدة حققت لمصر العديد من الأهداف المباشرة وغير المباشرة؛ فقد أدت المعاهدة إلى انسحاب إسرائيلي كامل من شبة جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها، وإزالة الوجود الإسرائيلي منها، ومن الأهداف غير المباشرة هو إحداث متغيرات هامة في العقيدة التي غرسها أول رئيس وزراء لإسرئيل بن جوريون في المؤسسات العسكرية والقيادات السياسة الإسرائيلية، حين ترك دولة إسرائيل منذ قيامها دون أن يحدد لها حدودًا وأطلق كلمتة الشهيرة "أن حدود إسرائيل هي حيث يقف جنود اسرائيل"؛ فلأول مرة تعترف إسرائيل بأن لها حدودا دولية هي الحدود المشتركة بينها وبين مصر، أما باقي حدود إسرائيل فهي تعتبرها أمرًا مايزال خاضعاً للمساومة والتفاوض سواءً بالنسبة لحدودها مع سوريا عبر هضبة الجولان المحتلة، أو باقي الأراضي المحتلة.


لقد أكدت معاهدة السلام مع إسرائيل، أن السلام لا يعنى تنازلاً عن السيادة، وأن مرونه الحركة لا تمثل تراجعًا، فالمناورة والحركة غير المباشرة مطلوبة في ظروف التفاوض، ولكن ذلك كله لم يكن يعنى خروجاً عن المسار أو انحرافاً عن الهدف، كذلك فإن السلام إنما يحافظ على الاستقلال السياسي، ولا يؤثر على الالتزامات الدولية والإقليمية، وقد أكدت كذلك أن الاعتراف بإسرائيل كدولة قائمة ولها حق استمرار الوجود، كأمر واقع يصعب تغييره، لا يعني إعطاءها أي حق في التوسع في الأراضي العربية المجاورة.

إن تحول الدور الأمريكي في عملية السلام من دور الوسيط إلى دور الشريك الكامل، كان نجاحًا كبيرًا للسياسة المصرية، أتاح الفرصة لإمكان إشراكها بقوة في مرحلة السلام الشامل، وإذا كانت الولايات المتحدة تلعب حاليا الدور الرئيسي في دفع وتوجيه عملية السلام نحو الحل الشامل، فذلك يعودإلىالجهد الكبير الذي بذلته مصر خلال السبعينيات لتطوير الدور الأمريكي عن اقتناع بأن 99% من أوراق الحل في يد الولايات المتحدة، فالولايات المتحدة هي التي تزود إسرائيل بالخبز والماء والمدفع والطائرة فهي شريان الحياة بالنسبة لإسرائيل، لقد دعمت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التطور الهائل الذي حدث لدى الرأي العام العالمي بعد حرب أكتوبر 1973 تجاه القضية الفلسطينية، والنظر إليها على أنها قضية شعب له الحق في الحياة والوجود، والحصول على وطن، بعد أن كان يعتبرها قضية لاجئين يحتاجون إلى مأوى والطعام.

ولاشك أن وجود علاقة سلام بين مصر وإسرائيل قد أتاح لمصر مقدرة عالية على ممارسة العمل السياسي على نطاق واسع، وفتح أمام الدبلوماسية المصرية مجالات للعمل والحركة بفاعلية على صعيد العلاقات الدولية.